19 نوفمبر، 2024
شراع فلبيني وريح صينية: هل يحول الرئيس الفلبيني الجديد أشرعته نحو الصين؟
الرئيسية » شراع فلبيني وريح صينية: هل يحول الرئيس الفلبيني الجديد أشرعته نحو الصين؟

شراع فلبيني وريح صينية: هل يحول الرئيس الفلبيني الجديد أشرعته نحو الصين؟

رئيس الفلبين الجديد روديغو ديتورتي

شكل انتخاب رئيس الفلبين الحالي روديغو ديتورتي حدثًا هامًا في منطقة جنوب شرق آسيا، فالمنطقة التي تتجاذبها قوى عالمية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يمكن أن تهب فيها الرياح الصينيّة بقوة أكبر من المعتاد هذه المرة، فالرئيس الحالي طالما صرح بمواقف يفهم منها ابتعاده عن الهيمنة الأمريكية، واقترابه أكثر من الجار الصيني، وهو ما سيقود المنطقة وخصوصًا الدول المنضمة لمنظمة آسيان إلى مواقف أكثر تصالحًا مع الصين؛ والذي بدوره يمكن أن يشكل ضربة حقيقية للمحاولات الأمريكية بكبح صعود التنين الصيني عالميًا ومنعه من التهام بحر الصين الجنوبي والانطلاق نحو دور أكثر تأثير في السياسة الدولية.

صراع النفوذ

من الهام الإشارة إلى أن منطقة شرق وجنوب شرق آسيا كانت تاريخيًا منطقة صراع بين قوتين إقليميتين كبيرتين هما الصين واليابان، بلغ هذا الصراع مستوى احتلت فيه اليابان منطقة منشوريا في شمال شرق الصين (1931-1946)، وزاد عوامل الصراع في المنطقة دخول القوى الاستعمارية الأوروبية كالبرتغاليين الذين سيطروا على تيمور الشرقية والهولنديين الذين سيطروا على إندونيسيا والإنجليز المحتلين لماليزيا وبورما وحتى الفرنسيين الذين كانوا يسيطرون على فيتنام، وبالطبع الإسبان الذين كانوا يستعمرون الفلبين، مما عنى أن غالبية دول المنطقة كانت تحت الاحتلال الأوروبي.

تعرّضت الصين لضربة قوية إثر تغلل وانتشار الاستعمار الأوروبي في دائرة نفوذها التقليدية ولاحقًا العدوان المباشر على الصين، كما كان لانهيار الامبراطورية ذات الألفيتين على يد الثورة الشعبية عام 1912م، ثم انشغال الشيوعيين مع الوطنيين في حرب طويلة مدمرة أشغلت الصين داخليًا ومما أدى إلى تراجع دورها وحلول اليابان مكانها في بدايات القرن العشرين خصوصًا في بحر الصين الجنوبي.

مع تراجع النفوذ الياباني بعد الخسارة الفادحة في الحرب العالمية الثانية، وإخلائها المنطقة للنفوذ الأمريكي والذي نشأ إثر شراء مستعمرة الفلبين من إسبانيا في بداية القرن العشرين، وتطور عقب الانتصار الأمريكي الكبير في الحرب العالمية الثانية، عانت الصين لأسباب عديدة من وضع جعلها في صفوف العالم الثالث وليس الدول المتقدمة لكنها بدأت في نهاية الثمانينات من القرن الماضي تشهد طفرة اقتصادية واستقرارًا لم تنعم بهما منذ مدة طويلة بينما كان الاتحاد السوفياتي يتهاوى والعالم باتجاه أن يكون أحادي القطبية.

مع غياب التهديد السوفياتي وانهيار المعسكر الشرقي وجدت أمريكا نفسها للمرة الأولى تتحكم بالعالم دون منافسين، ولكنها بدأت تلحظ أن إنفاقها الضخم على التسليح خلال الحرب الباردة ثم تراجع الحاجة لذلك لاحقًا، قد أدى إلى تشوه الاقتصاد وتراجع مستوى الرفاه وانتشار البطالة ونسبة النمو للدخل القومي، في ظل ظهور الصين كقوة اقتصادية واستراتيجية ضخمة تتطور بخطوات واسعة نحو قمة النفوذ في العالم، وهو ما يذكّرها بوضعها قبيل الحرب العالمية الأولى حيث كانت بريطانيا القوة الأولى عسكريًا والولايات المتحدة الأولى اقتصاديًا وسرعان ما خسرت بريطانيا دورها لتحل محلها أمريكا وهو ما تخشى أن يتكرر معها وهي ترى الصين تتطور دون تهديد حقيقي لتكون القوة الاقتصادية الأكبر على مستوى العالم.

المواجهة الأمريكية للتنين الأحمر

بالإضافة إلى تطور الاقتصاد الصيني يجب أن تتوافر عوامل عدة للصين كي تصل إلى أهدافها في السياسة الدولية، من أهمها توفر الاستقرار في المنطقة وكذلك خطوط تجارة آمنة تتيح لها الحصول على الطاقة بأسعار معقولة والوصول إلى الأسواق العالمية وخصوصًا في إفريقيا والشرق الأوسط دون عوائق، ولذا عملت أمريكا على تعطيل المشروع الصيني من خلال خلخلة الاستقرار في المنطقة وتشجيع قيام أنظمة حكم غير موالية للصين على طول خط الحرير البحري الذي تود الصين إنشاءه، وهي تقدّر أنها بهذا الشكل ستمنع التطور الاقتصادي الصيني السريع وتحد من تطلعاتها واحتمالية وصولها إلى التأثير في السياسة العالمية ومنافسة أمريكا على زعامة العالم.

ولعل الأمريكيين بحكم وجودهم الطويل في المنطقة أدركوا كم هي مهمة منطقة بحر الصين الجنوبي للصين؛ فعملوا على منعهم من الاستفادة منها ويتم استخدامها كأداة توتير وقلق في المنطقة؛ فتبقي الصين مشغولة في الإقليم وتصرف نظرها وطموحاتها عن مناطق أبعد من ذلك، وربما استخدمت ذريعة لتواجد غربي وخصوصًا أمريكي يعيق التوسع الصيني ويستنزفه في أي صراع محتمل مع دول المنطقة مثل الفلبين أو فيتنام.

وتكمن أهمية بحر الصين الجنوبي بالنسبة للصين في عوامل عدة، فهي تنظر إليه كجزء لا يتجزء من الأرض الصينية وبالتالي فمن حقها الاستفادة من ثرواته الطبيعية، مع العلم أن عموم بحر الصين منطقة ضحلة نسبيًا ويسهل التنقيب فيها عن الثروات الطبيعية وخصوصًا النفط والغاز والذين يعتقد الكثيرون بوجودها هناك، كما أن النمو السكاني المتصاعد يجعل المنطقة مصدرًا أساسيًا للغذاء الرخيص، فضلًا عن الأسباب الاستراتيجية المعروفة إذ يحيط ببحر الصين الجنوبي حوالي ثماني دول وهو الطريق الرئيس للتجارة الدولية للمنطقة بأكملها.

بالطبع فإن قوة الصين الهائلة تجعلها قادرة بيسر أن تفرض هيمنتها على المنطقة وتفرض شروطها على الجوار وخصوصًا بعد تراجع دور اليابان وقوتها العسكرية، مستندة في ذلك على شواهد تاريخية وامتدادات عرقية في كل المنطقة، وهنا فإن مصلحة دول كاليابان وأستراليا فضلًا عن الولايات المتحدة الأمريكية أن تسند دول المنطقة وتجعلها تقف متماسكة أمام المارد الصين كي لا يتغول على المنطقة بأسرها، فهي طالما دعمت بلدانًا متعددة في المنطقة وخصوصًا تلك المنضوية تحت منظمة آسيان، وعلى رأسها الفلبين والتي كان يرأسها رئيس ذو ميول غربية (أوكينو)، وربما كان في هذا الإطار الدعوة التي تقدمت بها الفلبين لمحكمة العدل الدولية للتحكيم في موضوع السيادة على بحر الصين الجنوبي وخصوصًا بعد أن أقامت الصين منشآت عسكرية في مناطق متعددة ومنعت الصيادين الفلبينين من التحرك بحرية فيه، وهو ما عارضته الصين دائمًا ودعت بالمقابل إلى عدم تدويل الموضوع وحلّه بالتفاوض المباشر، لأنها تعلم أن المنظومة الدولية بأسرها تخضع بشكل أو بآخر للإرادة الأمريكية، ولطالما رفعت شعار أن بحر الصين الجنوبي هو أرض صينية ولا يصح بناءً على القانون الدولي المنازعة فيه أمام المحاكم الدولية لأنه يصنف على أنه شأن مرتبط بالسيادة والشؤون الداخلية للدول، فهي ترفض ابتداءً مشروعية المحكمة وترفض أي قرار يمكن أن يصدر عنها وتعتبر نفسها غير معنية به.

ديتورتي يوجّه الشراع الفلبيني نحو الصين

منذ أيام صدر قرار التحكيم في القضية التي رفعتها الفلبين في زمن الرئيس السابق على الصين متهمة إياها بالعدوان على مياهها الإقليمية ومنعها من الاستفادة من ثرواتها الطبيعية بالإضافة إلى إقامة منشآت عسكرية في المنطقة من شأنها تكريس أمر واقع جديد لصالح الصين.

منذ البداية رفضت الصين فكرة التحكيم الدولي للنزاع وهي تعلم أن الفلبين ليست وحدها التي بإمكانها رفع قضية من هذا النوع إن فتح الباب بهذا الخصوص، فهناك فيتنام والتي خاضت حربًا مع شرسة مع الصين في نهاية سبعينات القرن الماضي، وإندونيسيا وماليزيا وبروناي وغيرها، ولذا فإن الصين تمسكت بموقفها والذي ينص على أن بحر الصين الجنوبي هو جزء لا يتجزأ من الأرض والسيادة الصينية، وهي مستعدة لتسوية ثنائية لأية خلافات بهذا الخصوص، وكانت تهدف من وراء ذلك لمنع التدخل الدولي وخصوصًا الأمريكي في المنطقة وهو ما قد يخل بموازين القوى الإقليمية ويحرم الصين من تفوقها في هذا المجال وبالتالي من إمكانية أن تفرض رؤيتها وموقفها على دول الإقليم والتي تصغرها كثيرًا من ناحية القوة والتأثير.

بينما من مصلحة أمريكا أن تستخدم دول المنطقة لإشغال الصين بقضية تستنزفها على كل المستويات وتعيق تطورها ولذا سخرت كل إمكاناتها لهذا الغرض وأثمر ضغطها وربما تلاقى مع رغبة فلبينية، رفع قضية ضد الصين بدعوى أنها تخالف قانون البحار الدولي المعتمد في الأمم المتحدة وهي بذلك تريد تصوير الصين كدولة خارجة عن القانون الدولي وتشرّع أي عقوبات محتملة ضدها وتجعلها عرضة للابتزاز أو التورط بصراع إقليمي قد يتحول إلى صراع دولي، يستنزف كما سبق وأشرنا، القوة الصينية ويحول دون أن تتحول إلى القوة العظمى المستقبلية للعالم.

لكن يبدو أن سياسة أمريكا المبنية على دعم الحكام يدينون بالولاء للمشروع الأمريكي ويسهل أن يتحولوا إلى أدوات طيعة في يدها، لا تنجح دائمًا، فبعد عقود من معاناة الشعب الفلبيني من تراجع الأمن وانتشار الجريمة والمخدرات وتفشي الفساد وتراجع الخدمات قرر أن يقلب الطاولة بانتخابه رجلًا كثيرًا ما يوصف بأنّه ترامب الفلبين كناية عن عنفه اللفظي وتبنيه رؤى غير مألوفة.

ديتورتي المخلص أم ديتورتي المتطرف

قدّم ديتورتي نفسه في حملته الانتخابية كمخلص للفلبين من أزماتها الداخلية واعدًا الناخبين أن يخلصهم من الجريمة المنظمة خلال ثلاثة إلى ستة أشهر إذا تم انتخابه وهو ما سيقفز بالبلد قفزات نوعية على جميع الصعد وخصوصًا الاقتصادي، وهو ما يوليه عنايته الكبرى وخصوصًا أنه قد جاء من منطقة فقيرة جدًا ومن خلفية يسارية.

أمّا على صعيد السياسة الخارجية فكان من الملاحظ أن تصريحاته ناقدة للسلوك الأمريكي في المنطقة وبالتحديد ما يخص الفلبين وهو فسِّر تلقائيًا كانحياز غير مباشر إلى الطرف الصيني في الصراع على المنطقة، ورغم أن ديتورتي كان قد صرّح خلال حملته الانتخابية أنّه سيبادر إلى رفع العلم الفلبيني على الجزر المتنازع عليها مع الصين، ولكن ذلك لم يحدث ولم تأخذه الصين على محمل الجد بل إن الصين قدمت الدعم لديتورتي عندما أطلقت سراح بعض الصيادين الصينيين الذين كانت قد اعتقلتهم بناء على وساطته أثناء حملته الانتخابية، علمًا أن الرئيس الصيني لم يزر الفلبين منذ توليه الحكم وهو ما يفهم على أنّه رغبة صينية بالتقارب مع الرئيس الجديد بعد فترة من البرود مع الرئيس السابق، ورغم تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية على أن العلاقات مع الفلبين عقب انتخاب الرئيس الحالي ما زالت جيدة فإنّ هذه العلاقة يكتنفها كثير من الترقب السلبي.

إن الصورة الذهنية التي سيرسمها الإعلام الغربي/ العالمي لديتورتي كمخلص أو كمتطرف، ستحدد غالبًا من خلال اقترابه أو تبنيه للمقاربة الأمريكية في العلاقة مع الصين، وخصوصًا أنّه يخوض الآن حملة شرسة ضد منظمات الجريمة والفساد في بلد تجذرت فيه هذه الظواهر، وهو ما سيدخل البلد في حالة من التوتر الأمني سيحتاج الرئيس إلى دعم كبير من المعارضة وقوى الجيش والمجتمع المدني كي يستمر بها حتى تؤتي أُكلها، وإذا شاءت الولايات المتحدة فستجعل من شبه المستحيل على الرئيس الاستمرار بحملته وذلك بتعطيلها لما لها من نفوذ عميق في الدولة الفلبينية وجميع شرائح المجتمع الفلبيني.

قرار المحكمة وموقف ديتورتي

ما يتجاهله الإعلام والإمريكي منه على وجه التحديد، أن القضية التي رفعتها الفلبين على الصين لا تتعلق أبدًا بالسيادة على بحر الصين الجنوبي، وبالتالي فالحكم الذي أصدرته المحكمة لصالح الفلبين لن يغير الكثير في الواقع حتى لو التزمت به الصين، إذ إن المحكمة غير مخولة بالتحكيم في موضوع سيادة الدول ولذا فإن الفلبين طلبت التحكيم بشكل أساسي في موضوع التأثير المدمر للمنشآت الصينية في بحر الصين الجنوبي على الحياة البحرية ومضايقة ومنع البحرية الصينية للصيادين الفلبينيين من الاستفادة منه.

مما لا شك فيه أن قرار محكمة التحكيم الدائمة، وهي محكمة مستقلة تختلف عن محكمة العدل الدولية ولا تتبع الأمم المتحدة، قد جعلت موقف ديتورتي التفاوضي مع الصين أفضل، رغم أن قراراتها لا تأخذ طابع الإلزام، إذ جعلت موقفه الأخلاقي أقوى وهو ذاهب إلى التفاوض الثنائي كما أعلن هو ووزير خارجيته عقب صدور الحكم، لتسوية الخلافات مع الصين وهو ما طالبت به الصين على مدى العقود السابقة، وهو ما يمكن اعتباره انتصارًا للدبلوماسية الصينية في هذا السياق، باعتبار أنّها استطاعت سحب الفلبين من مربع المقاربة الأمريكية للمشكلة المتمثلة بالتصعيد والتقاضي، إلى مربع التفاوض الثنائي والتراضي، وهو ما يبدو منطقيًا تمامًا في ظل سعي الفلبين ورئيسها الجديد لتعزيز حالة الاستقرار في الإقليم بغية الاستفادة من النمو الاقتصادي المرتفع الذي شهدته الفلبين والذي تجاوز الستة في المائة.

صوّر بعض المراقبين والإعلاميين في معرض التعليق على بيان قمة آسيان والذي تجاهل إدانة الصين بعد صدور حكم المحكمة لصالح الفلبين، كنصر للصين وانعكاسًا لنفوذها في آسيان، وهو ما نفاه لاحقًا وزير الخارجية الفلبيني والذي بين أن حكومته وهي تعرف أنها متجهة نحو حل تفاوضي ثنائي مع الصين لم تكن معنية كثيرًا بالتصعيد مع الصين وبالتالي بصدور الإدانة، مستحضرين أن آسيان في ظل حالة الاستقرار تحولت إلى رابع اقتصاد في العالم وتبادلاتها التجارية مع الصين بلغت حدًا غير مسبوق ولذا فإن مصلحة أعضاء المنظمة ألا يستعدوا الصين وأن يستفيدوا من قدرات هذا الجار العملاق وبنفس الوقت ألا يظهروا جفاءً للولايات المتحدة الأمريكية والتي طالما اعتبروها ضمانة في وجه أي تغول عسكري صيني على المنطقة.

صحيح أن الولايات المتحدة قد خولت الفلبين باستخدام قواعدها العسكرية في المنطقة عند الضرورة لمواجهة الصين وأن استراليا قدمت منحًا عسكرية لها وكذلك فعلت اليابان، لكن ذلك كله لم يحل دون حقيقة أن الجيش الفلبيني ما زال أضعف جيوش المنطقة وأن رفع سويته ربما يحتاج لمئات المليارات من الدولارات وهو ما لا يتسع له الكرم الأمريكي أو غيره، ولذا فإن الاختلال في ميزان القوى لصالح الصين هو أمر حتمي، في ظل حاجة الفلبين والتي عانت لعقود عديدة من الفقر نتيجة للفساد والجريمة المنظمة وغيرها من الأسباب، وتخلف البنية التحتية والتي تحتاجها أية عملية تنمية جدية، لذا فإن المفاوضات بين الطرفين كما حصلت سابقًا عقب حكم المحكمة الدائمة لصالح نيكارغوا ضد أمريكا، قد تشهد نوعًا من مكافآت الترضية الكبيرة والفلبين في أمسّ الحاجة إليه، كما عبر سابقًا ديتوريوتي عندما قال إنه مستعد للتفاهم مع الصين في قضية بحر الصين الجنوبي إن أنشأت شبكة خطوط سكة حديدية تربط المناطق الفلبينية الرئيسة بعضها ببعض، وساهمت في رفع مستوى البنية التحتية للبلد، وهو ما يمكن القول أننا نعيش إرهاصاته هذه الأيام.

يبدو أن الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية قد استشعروا خطورة المصالحة المحتملة بين الصين والفلبين، فأعلنت قبل أيام كوريا الجنوبية عن رغبتها بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية بقدراتها الصاروخية، وهو ما يعني بالإضافة لتحالفها مع اليابان، تهديدًا استراتيجيًا حقيقيًا للصين بحكم أن كوريا واليابان بلدان مجاوران للصين وليس كأمريكا التي تبعد عنها آلاف الأميال، وهو ما يوفر أيضًا قاعدة انطلاق وتزويد محلية في حالة نشوء صراع مسلح في المنطقة.

خلاصة

عمل حكم محكمة التحكيم الدائمة لصالح الفلبين ضد الصين في قضية بحر الصين الجنوبي إلى وضع الرئيس الفلبيني الجديد في موضع تفاوضي جيد مقابل الصين والتي طالما ناشدت الفلبين إلى إنهاء المشكلة من خلال التفاوض المباشر وهو ما يرجح أنه سيحصل قريبًا لما فيه من مصلحة للبلدين، في المقابل فإن أي مصالحة من هذا النوع ستهدد الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة والتي تقتضي أن تبقى الصين في حالة انشغال واستنزاف للقدرات بإشعال صراعات مع جيرانها، لذا فقد تطور الموقف سلبيًا مع كوريا الجنوبية بصورة سريعة وهو ما سينبئ بتغيرات في خارطة القوى في المنطقة في القريب المنظور.

Share:FacebookX
Join the discussion