20 نوفمبر، 2024
أقوى من الأفعى
الرئيسية » أقوى من الأفعى

أقوى من الأفعى


سلسلة حكايات محمد مكرم

دار الحافظ


ارتفعت الشمس في السماء، وصار الجو حاراً جداً، فخرجت الأفعى من جحرها واستلقت في ظل شجرة تفكر كيف تصطاد شيئاً تأكله. نظرت في جميع الاتجاهات لترى طيراً أو حيواناً، لكنها لم تشاهد سوى عقرب خرج من تحت حجر قريب وركض نحو ظل الشجرة التي تستلقي تحتها. وقفت الأفعى على ذيلها مستعدة لمواجهة العقرب الذي وقف بعيداً وقد استعد هو الآخر، لكن أي منهما لم يتقدم من الآخر، بل وقف مكانه ينتظر. سألت الأفعى العقرب عمّا أتى به إليها، فقال لها أنها جائع وعلم أنها لا بد أنها جائعة مثله، وهو يعرف جحر فأر خلف شجرة قريبة، ويطلب منها مساعدته بالقبض على الفأر ليتشاركا في أكله. وافقت الأفعى على ذلك وكل منهما في نفسه الغدر بالآخر. دخل العقرب إلى جحر الفأر الصغير وسرعان ما خرج الفأر من الجحر لتمسك به الأفعى التي كانت تنتظر على الباب وتبتلعه على الفور. خرج العقرب من الجحر ليجد الأفعى قد أكلت الفأر كله ولم تبق منه شيئاً، وقالت له أن الفأر كان صغيراً حتى لها وحدها فكيف إذا اقتسمه اثنان، ووعدته بأنها ستعطيه حصته مضاعفة المرة القادمة. غضب العقرب غضباً شديداً، لكنه أخفى غضبه وقال للأفعى أنه يرجو أن يكون طعم الفأر قد أعجبها، وأنها إن لم تكن قد شبعت بعد فيستطيع أن يدلها على جحر أرنب بري كبير يكفي طعاماً معاً. فرحت الأفعى فرحاً عظيماً وتبعت العقرب الذي قادها مسافة طويلة في الشمس، وكلما كانت تسأله عن الجحر كان يقول لها أنهما قد اقتربا منه حتى تعبت الأفعى ولم تعد قادرة على السير. وأخيراً اقتربا من الجبل وسط الغابة وأشار العقرب إلى صخرة كبيرة وقال للأفعى أن جحر الأرنب تحت تلك الصخرة. طلبت الأفعى من العقرب أن يرافقها إلى الجحر وقد نوت أن تقتله مع الأرنب، إلاّ أنه اعتذر لها وقال أنه متعب من طول السير، فأجلّت قتله إلى وقت خروجها من الجحر. زحفت الأفعى إلى الجحر تحت الصخرة الكبيرة، ونظرت إلى أسفل فرأت عينان تلمعان في الظلام، ففرحت بذلك جداً وهجمت تريد أكل الأرنب. غير أن الأفعى شعرت بأنياب قوية تنغرس في جلدها فتلوت من شدة الألم وحاولت الخروج من الجحر وبصعوبة شديدة خرجت إلى النور. حاولت الأفعى تفقد ما حصل لها ولكنها فوجئت بحيوان صغير ذو أنياب حادة وذيل كبير من الفرو يسمى النمس يهجم عليها ويعضها في كل أنحاء جسمها. حاولت القبض عليه لكنها كانت تفشل في كل مرة، وأخيراً لم تعد الأفعى تتحرك وصارت جثة مليئة بالثقوب، فجرّها النمس إلى جحره المظلم ليأكلها كما أكلت الفأر الصغير من قبل. وقف العقرب غير بعيد من الجحر مبتسماً، وقال:
" أما علمت أيتها الأفعى أنّ كل قوي في هذه الدنيا وهناك من هو أقوى منه."

Share:FacebookX
Join the discussion