سلسلة حكايات
محمد مكرم بلعاوي
كم يحب السنجاب البلوط. البلوط طعام السنجاب المفضل لكن ثمار البلوط غير متوافرة في فصل الشتاء. إذاً ماذا تفعل السناجب في فصل الشتاء؟ تعمل السناجب في فصل الصيف على جمع ثمار البلوط وتخزينها في أماكن سرية، وعندما يأتي الشتاء ببردة وثلجه تخرج السناجب البلوط المخبأ وتأكل منه. لكنّ أحد السناجب كان لديه خطط أخرى. هذا السنجاب كان يريد أن يصبح زعيماً لكل السناجب، أتعرفون ماذا فعل منذ بداية الصيف؟ أخذ يجمع ثمار البلوط ليلاً ونهاراً دون توقف. أثار فعل السنجاب استغراب باقي السناجب حتى أنّ سنجاباً طيباً اسمه "جود" قال له مرة يا "لي لي" اعمل باعتدال حتى لا تموت من التعب، الطعام كثير والرزق من عند الله لكن “لي لي” لم يهتم واخذ يجمع ويجمع أكثر وأكثر عندما تجمع عنده كميه كبيرة من الثمار لم يدر أين يضعها بحث “لي لي” حتى وجد حفرة كبيرة كأنها كهف تحت شجره مسنة ووضع كل ما جمعه فيها مع مرور الأيام امتلأ كل الكهف بكميات هائلة من الثمار عندما أرادت السناجب الأخرى ان تجمع بعض الثمار لم يجدوا سوى كميات قليلة من الثمار قال لهم السنجاب ”جود” اعملوا قدر استطاعتكم والله سوف يرزقكم. كان “لي لي” يضحك منهم ويفكر باليوم الذي سوف يأتي به السناجب يطلبون المساعدة. نزل الشتاء وثلجه مبكراً ذلك العام، فصارت السناجب تأكل من القليل الذي اختزنه من البلوط، و”لي لي” قد أخفى كهفه المليء بالثمار جيداً، وصار يستخرج طعامه من حفر صغيرة، وعندما انتهى طعام السناجب القليل لجأوا مرة أخرى إلى “لي لي” طلباً للمساعدة، لكنه قال أنّ طعامه قليل وبالكاد يكفيه، فاستغرب الجميع من كلامه وسألوه عن الكميات الكبيرة من الطعام التي كان يخبئها، فأنكر ذلك. أخرج السنجاب ”جود” ما تبقى عنده من طعام قليل وطلب من الجميع أن يحضر ما لديه وأن يضعوه معاً ثم اقتسموا الطعام بينهم بالتساوي. وجاء ذلك اليوم الذي كان الجميع يخشاه، انتهى الطعام وما زال فصل الشتاء طويلاً وشديد البرد، اجتمعت السناجب وقرّروا طلب المساعدة من “لي لي” مرة أخرى، لكنّه هذه المرة وافق على مساعدتهم شريطة أن يجعلوه زعيماً عليهم ، وأنّ يردّوا ما سيأخذوه منه إليه في الصيف عشرة أضعاف. صاح الجميع به " يا لك من طماع، مثلك لا يصلح أن يكون زعيماً ابداً ايها الجشع." صاح السنجاب ”جود”: " إنّ الله تعالى لن يتخلى عنّا أيها الأصدقاء، دعونا نفتش جيداً تحت الثلج فأنا متأكد أنّ الله سيرزقنا." فتشت السناجب طويلاً وفتّشت، حتى كادت أن تموت من الجوع والبرد، و”لي لي” ينتظر ذلك اليوم الذي تقبل فيه السناجب بشروطه. وفي أحد الأيام لم يستطع ”جود” أن يواصل البحث من شدة التعب، وأخذ يأكل الثلج من العطش، وفجأة اصطدمت يده بشيء صلب، إنها ثمرة بلوط، وأخرى وأخرى وامتدت يده في بحر من البلوط وكلما أخذ شيئاً ظهر غيره. أخذ “جود” الثمار ووزعها على بقية السناجب ووضع بدل عنها القشور الصلبة. ومضت أيام و”لي لي” مستغرب من أين يأتي السناجب بطعامهم حتى شكّ أنهم قد عثروا على كهفه . ذهب “لي لي” سراً إلى كهفه تحت الشجرة وفتح الباب فوجد البلوط لم ينقص دون أن يدرك أنّه لكثرة ما وضع من بلوط في الكهف خرج من الجهة الأخرى من الشجرة، حيث وجدها “جود”. مرّت الأيام وأوشك الشتاء على نهايته ولم تقبل السناجب بشروط “لي لي” ولا احتاجوا إلى طعامه، وعندما انتهى طعامه المدفون في الحفر صار يأخذ من كهفه، فرأى انّ هناك قشراً كثيراً بين الثمار، وأخيراً قرّر أن يراقب “جود” ليرى من أين يأتي بالثمارن فرآه يأخذ البلوط من الجهة الآخرى من الشجرة التي تحتها كهفه ويضع بدلاً عنها القشور. هجم “لي لي” على “جود” وثارت بينهما معركة اجتمعت لها كل السناجب. قال “لي لي”: " إنك لص يا “جود”، سرقت ثمار البلوط التي خزنتها أنا ووضعت بدلاً عنها القشور." قالت السناجب: " ألم تكن تقول لنا أنك لا تملك ثماراً فكيف تقول أن هذه الثمار هي لك؟! “لي لي”: " إنها ثماري وأنتم أكلتموها، ولذلك عليكم أن تجعلوني زعيماً عليكم وأن تردوا إليّ عشر أضعاف ما أخذتموه." قالت السناجب: " إن كان لا بد لنا من زعيم فهو “جود” الذي ضحى براحته من أجلنا، أمّا أنت أيها السنجاب البخيل فلا مكان لك بيننا، فجد لك غابة أخرى لتصبح زعيماً على سناجبها." وطاردت السناجب السناجب البخيل “لي لي” فهرب واختفى إلى الأبد.