سلسلة حكايات
محمد مكرم بلعاوي
حَاوَلَتْ آخِرُ سَمَكَةٍ تَعيشُ في بُحَيْرَةٍ مُلًوَّثَةٍ ، أنْ تَنْجُوَ بِحَياتِها وِتَسْبَحَ عَكْسَ التَّيارِ إلى مَنْبَعِ النَّهَر،ِ وَبَيْنَما هِيَ تُحاوِلُ فِعْلَ ذَلِكَ رَآها اللَقْلَقُ. كانَ اللَقْلَقُ يَشْعُرُ بالجوعِ فَلَمْ يَعُدْ يَرَى أيَّةَ أَسْمَاكٍ أوْ دِيدانٍ في البُحَيرَةِ الَّتي مَلأها البَشَرُ بالقَاذوراتِ، طارَ اللَقْلَقُ نَحْوَ السَّمَكَةِ يُحَاولُ أكْلَها لَكِنْها نَزَلَتْ في المَاءِ وَاخْتَفَتْ. فَتَّشَ اللَقْلَقُ عَنْ السَّمَكَةِ فَلَمْ يَجِدْها، فَنَادَتْهُ مِنْ بَيْنِ عُلَبِ الصَّفيحِ المُلْقى في الماءِ دَعْني وَشأني أيُّها اللَقْلقُ وَابْحَثْ لَكَ عَنْ طَعَامٍ غَيْري، فأنا سَمَكةٌ صَغيرةٌ وَلَنْ أُشْبِعَ طَيْراً كَبيراً مِثْلَكْ. رَفَضَ اللَقْلقُ كَلامَها، وَهَجَمَ عَلَيْها بَينَ عِلَبِ الصّفيحِ، فاخْتَبَأتْ في أحَدَى العُلُبْ ،وَعِنْدما أدْخَلَ الطّيرُ منْقارَهَ لِيَأكُلَها عَلِقَ بِحافَّةِ العُلْبَةِ وَلَمْ يَعُدْ يَسْتَطيعْ إخْراجَهُ مِنْها وَلاَ الوصولَ إلى السَّمَكَةْ. قالت السّمَكَةُ للِّقْلِقِ إذا أرَدْتَ أنْ تَنْجوَ بِحَياتِكَ ساعدتُكَ شَرِيطَةَ أنْ تأخُذَني إلى أعْلَى النَّهرِ وَعِندهَا سأخُرِجُ لَكَ مِنْقَارَكَ مِنْ العُلْبَةْ. طَارَ اللَقْلَقُ بِعُلْبَةِ الصَّفيحِ بعيداً عن التَّلوثِ والقاذوراتِ التي ألقاها البَشَرُ في الماءِ، حتّى وَصَلَ إلى أعَلى النّهرِ ثمَّ أنْزَلَ عُلْبَةََ الصَّفيحِ في الماءِ، وَعِنْدَهَا شَدَّت السَّمَكَةُ طَرَفَ العُلْبَةِ فََخََرَجَ مِنْقارُ اللَقْلقِ عَلَى الفَوْرِ، واخْتَفَتْ هِيَ بينَ أعْشابِ النَّهْرِ. وَهُناكَ عَاشََ اللَقْلَقُ سَعيداً بالطَّعامِ الوَفيرِ، وَفََرِحَتْ السَّمَكََةُ بالماءِ النََّظِيف.