أسطــورة
جيـلْ
إلى روح الطفل الشهيد فارس عودة الذي واجه الدبابة بحجر
إرمِ حجراً مِنْ سِجّيلْ
تُحرقُ رَتْلَ أباطيلْ
فسِلاحكُ شَلالٌ مِنْ نارٍ
يجْتَثُّ الغَرْقَدَ بالتّنزيلْ
دبابةُ ورقٍ تتحدى
أحرِقْها بالحجرِ القِنْديلْ
عِملاقٌ ذو تسعِ سنينٍ
تفعلُ بالباغي أفاعيلْ
لا تفهمُ جَعْجَعَةَ السَّاسةِ
أو فِقهَ الواقعِ والتَّأصيلْ
جبّارٌ تَفتِكُ بالطّاغوتِ كما يفعَلُ بالنّاموسةِ فيلْ
فارس عودة
يا أسداً تندحرُ أمامَ شجاعتِكَ أساطيلْ
سَيْلٌ أنتَ وجيشُ الباطلِ زبدٌ
أذهِبهُ جُفاءً
وامكثْ في الأرضِ كصخرةِ بيتِ المقدسِ لا تبديلْ
فارس عودة
يا فارسَ عَوْدتِنا الكبرى
تفتحُ بيتَ المقدسِ بالتكبيرِ وبالتهليلْ
فارس عودة
يا صكَّ إدانتِنا المفتوحِ
من أقصى الشرقِ إلى أرضِ الشامِ
ومِنْ أقصى المغربِ حتى وادي النيلْ
مَنْ مِنّا يملكُ نصفَ شجاعةِ طفلٍ في الصفِّ الرَّابعِ
يخطئُ في نَصْبِ المفعولِ ورفعِ الفاعلِ
لكنْ يحتكرُ الفِعْلَ
ويرجمُ في دنيا الأعرابِ مَفاعيلْ
أتراهُ أبا زيدٍ أو عنترةً أو سيف اللهِ المسلولِ عساهُ شُرَحْبيلْ
فلنهتفْ مِنْ عُمقِ حناجِرِنا:
“نحن الموتى منذُ دُهورٍ
ولتحيا في جنّاتِ الخُلْدِ
يا فارس عودة
يا أُسْطورةَ جيلْ”
دُرْ في الجنَّةِ في أجوافِ طيورٍ خُضْرٍ
وأوِ تحتَ العَرْشِ إلى قِنْديلْ
فارقِنا ما عادَ لمثلكَ دَوْرٌ في دُنيا الأمواتِ ودُنيا الأوهامِ ودُنيا التمثيلْ
في دنيا يمسي أشرَفُنا قِديساً
لكنْ يُصبحُ أنجسَ مِنْ إحليلْ
دنيا تقلِبُ حتى القَلْبَ
وتصنعُ من عدمِ الوهمِ تماثيلْ
تتغنَّى بالعجزِ وتبني للعُهْرِ صُروحاً
أنجسُ مِنْ ذَنَبِ الفَأرِ
وأشنعُ مِنْ فِعْلَةِ قابيلْ
دُنيا تجلِسُ في عينِ التلفازِ
لتشاهدَ موتكَ بالتَّفصيلْ
تَتَضَرَّجُ في دمِكِ القاني
وكأنّا في حضرةِ محترفٍ أتقنَ فنَّ التسليةِ وفنَّ التَمْثيلْ
تأسفُ أنَّ المشهدَ مرَّ سريعاً وتحضّرُ آلةَ تسجيلْ
لتسجِّله في نشرةٍ أخبارٍ أخرى
تُعرَضُ بين الأفلامِ
وبين سيولِ الإعلاناتِ
عن عطرٍ فوّاحٍ أو مسحوقِ غسيلْ
دُنيا لا تعرفُ غيرَ الدولارِ وسعرِ الأسهمِ والبِرمِيلْ
قِبْلُتها أسواقُ المالِ وسعرُ الصرفِ هو التّرتيلْ
آهٍ مِنْ طفلٍ يَدْمَغُنا بالعجزِ القابعِ في دمِنا المجبولِ بحُبِّ التأجيلْ
آهٍ مِنْ طفلٍ يتجلّى شمساً تتحدّى ظُلْمَتَنا وتهزِمُ فينا التّضْليلْ
آهٍ مِنْ طفلٍ بحصاةٍ بدَّدَ أُسطورةَ إسرائيلْ
كذِّبْنا نحنُ الشعراءَ الخطباء السّاسة
كذِّبنا نحن فلاسفةَ العصرِ المعصورِ
بيدي أمريكا وصندوقِ النقدِ وبنكِ التمويلْ
محمد مكرم
26 / 2 / 2001م
30 ذو الحجة 1421هـ