سأل الفأر الصغير جاره الأرنب البري:
” لماذا لا تخرج من بيتك إلاّ في الليل يا جاريَّ العزيز؟!”
أشار الأرنب إلى بقعة سوداء في السماء تدور تحت عين الشمس وقال:
” لأنني أخشى أن يأكلني النسر.”
ضحك الفأر كثيراً وقال للأرنب:
” وكيف تخاف منه وهو صغير إلى هذه الدرجة؟”
ردَّ الأرنب قائلاً:
” إنك تراه صغيراً لأنه يطير بعيداً في السماء. النسر كبير وله مخالب مميتة.”
اعترض الفأر بقوله:
” لا أصدق هذا. إنني أصغر منك حجماً وأخرج دوماً في النهار دون أن يهاجمني النسر.”
ثم خرج الفأر من جحره إى مكان مكشوف وصار يرقص ويقفز إلى أعلى وأسفل وينادي النسر:
“أيها النسر هل تسمعني؟ أنا أتحدك! تعال وأكلني إن كنت تستطيع.”
كان النسر يحلق في السماء يبحث عن فريسة كبيرة تشبعه ولم يكن يهتم لهذا الفأر الصغير، لكن الفأر الصغير صدّق أنّه أقوى من النسر وقال للأرنب:
” أرأيت يا صديقي، لو كان النسر قوياً كما قلت لهاجمني.”
صار الفأر يرمي حجارة إلى السماء تجاه النسر ويشتمه مما أغاظ النسر فقرّر تعليم الفار درساً لن ينساه. في لمح البصر غاص النسر إلى أسفل فصار ظلُّه يكبر ويكبر على الأرض والهواء يتحرك مع جناحيه الكبرين كأنه عاصفة، مما أرعب الفأر الصغير وجمّده في مكانه، وضرب النسر الفأر ضربة سريعة بمخالبه ظنّ الفأر أنه سيموت بسببها. لكنه عندما فتح عينيه رأى النسر قد ارتفع في السماء مرة أخرى وتفقدّ نفسه فرأى أنّه لم يصب بسوء. فرح الفأر كثيراً وظنّ أنّه قد هزم النسر وأخافه، فصار يمشي بين الحيوانات رافعاً رأسه ينادي:
” هزمت النسر . . هزمت النسر . . “
لكن الحيوانات كانت تضحك منه دون أن يدري السبب، وفجأة سأله سنجاب صغير:
” أين ذيلك الطويل يا عمّاه؟”
التفت الفأر إلى الخلف ليرى ذيله قد اختفى فأدرك أن النسر قد قطعه فخجل من نفسه وركض إلى جحره بين ضحك الحيوانات ومنذ ذلك اليوم لم يعد الأرنب هو الوحيد الذي لا يخرج من بيته إلاّ في الليل بل صار له رفيق لقبه “الفأر مقطوع الذيل.”