عربة التسوق

المجموع الفرعي $0.00

عرض العربةتسجيل الخروج

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, business, Entertainment, sports, science,

مقالات رأي
Email :12
في واقعة صادمة جديدة، أعربت وزيرة الثقافة الإسرائيلية ميري ريغيف عن غضبها من رواية أطفال فلسطينية كتبها الأسير وليد دقّة، الذي قضى أكثر من ثلاثين عامًا في سجون الاحتلال بسبب مقاومته.
في رأيها، السجن ليس مكانًا لكتابة الروايات، بل للعقاب فقط.
قد يثير ذلك الاستغراب عند البعض، لكنه ينسجم تمامًا مع الخطاب الرسمي الإسرائيلي، الذي يصوّر الفلسطيني دائمًا على أنه وحش دموي لا يجيد سوى القتل. أما أن يكتب رواية؟ فهذا لا يتماشى مع هذه الصورة النمطية.
وزير الداخلية الإسرائيلي أرييه درعي منع إقامة حفل إطلاق الرواية في قرية الكاتب، فيما أعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية فتح تحقيق كامل في الأمر ومعاقبة وليد، الذي قضى 34 عامًا خلف القضبان.
واللافت أن وليد عوقب قبل أشهر بإضافة عامين إلى محكوميته بتهمة “التآمر” مع النائب العربي السابق في الكنيست، باسل غطاس، لتهريب هواتف نقالة إلى الأسرى.
وقد ذكرت الأخبار أن “محكمة إسرائيلية أدانت غطاس بتهم الاحتيال وخيانة الأمانة وتهريب رسالة ومعدات إلكترونية ممنوعة إلى داخل السجن، وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين، بعد شطب تهمة دعم الإرهاب ضمن صفقة، كما اضطر للاستقالة من منصبه”.
أما غطاس، فبرّر فعلته في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” بقوله:
“لقد كان عملًا شخصيًا، مدفوعًا بأسباب إنسانية وأخلاقية فقط، وأنا مستعد لتحمّل المسؤولية الكاملة عنه […] من أكثر أشكال المعاناة التي يتكبّدها الأسرى الفلسطينيون حرمانهم من حقهم في التواصل مع عائلاتهم وأقاربهم عبر الهاتف، والقيود الصارمة التي تفرضها سلطات الاحتلال على عدد الزوّار الذين يُسمح لهم برؤيتهم”.
وأضاف: “يُسمح للأسرى فقط بلقاء أقاربهم من الدرجة الأولى مرة كل أسبوعين، وبفضل سياسة جديدة للصليب الأحمر الدولي، ستُخفّض هذه الزيارة إلى مرة واحدة شهريًا”.
منذ أسابيع كتبت عن استهداف جيش الاحتلال المتعمّد للإعلاميين الفلسطينيين أثناء تغطيتهم للمظاهرات قرب السياج في غزة، حيث قُتل العديد منهم برصاص قنّاصة من مسافات بعيدة.
وفي مقال آخر، تحدّثت عن محاكمة الشاعرة الفلسطينية دارين طاطور وسجنها لعامين لأنها كتبت قصيدة تعبّر فيها عن تضامنها مع مأساة أبناء شعبها.
كما أشرت إلى الكاتبة والصحفية لما خاطر، أم لخمسة أطفال، والتي اعتقلتها قوات الاحتلال من منزلها في منتصف الليل، ووجهت لها تهمة “بناء تنظيم إرهابي مسلح”.
هذه الأحداث ليست فردية ولا استثنائية، بل تعكس نهجًا منظّمًا وخططًا معدّة سلفًا.
ولعلّ هذا يفسّر لماذا قضى معظم شعراء فلسطين الكبار جزءًا من حياتهم في سجون الاحتلال، أو اضطروا إلى المنفى القسري أو تم اغتيالهم.
فإسرائيل لم تُظهر كراهية لأحد كما فعلت مع المثقفين والفنانين الفلسطينيين، لأن وجودهم وحده يفضح زيف روايتها.
حتى أولئك الذين عاشوا خارج الوطن لاحقتهم يد الموساد واغتالتهم.
الذاكرة الفلسطينية ما تزال تحفظ أسماء كثيرة مثل: غسان كنفاني، وائل زعيتر، كمال ناصر، ماجد أبو شرار وغيرهم كثير.
وعندما ينجح الفلسطيني في كسر القيود الإسرائيلية ويصل إلى العالمية، تحاول إسرائيل سرقة نجاحه.
فهي تُصرّ على وصفهم بـ”العرب الإسرائيليين”، في محاولة لإظهار نفسها كـ”دولة متعدّدة الثقافات” تشجّع مواطنيها العرب على الإبداع!
لكن الفنّانين أنفسهم، مثل فرقة الإخوة جبران المعروفة عالميًا، يحرصون في كل مناسبة على التأكيد بأنهم فلسطينيون، ويُهدون أعمالهم لفلسطين الحرة ولشعبهم الصامد تحت الاحتلال.
ومع ذلك، تصرّ وسائل الإعلام الإسرائيلية على تسميتهم بـ”العرب الإسرائيليين”، وهو ما ينطبق أيضًا على محمود درويش، وسميح القاسم وغيرهم من الرموز الثقافية.
قانون “الدولة القومية اليهودية” الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا يكشف بوضوح طبيعة هذا الكيان.
ففقط أتباع الديانة اليهودية هم من يُمنحون حق المواطنة الكاملة، بما في ذلك حق تقرير المصير.
لماذا؟ لأن “إسرائيل” — كما تعرّف نفسها — هي دولة يهودية.
أما الباقون، فليسوا سوى مقيمين مؤقتين، كما عبّر دور غولد، المدير السابق لوزارة الخارجية وأحد أقرب مستشاري نتنياهو.
وعندما سأله الصحفي مهدي حسن:
“هل يحقّ للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل أن يتمتعوا بحق تقرير المصير تحت هذا القانون، أم أنه مقتصر على اليهود فقط؟”
أجاب: “لا. فالمهاجرون الكنديون في أمريكا لا يملكون هذا الحق، ولا المهاجرون المكسيكيون”!
إنها كراهية ممتزجة بالحسد، لأن الصهاينة، في أعماقهم، يعلمون أنهم حتى لو عاشوا ألفي عام في هذه الأرض، فلن يتمكنوا من حبّها أو التضحية من أجلها كما يفعل الفلسطيني.
لن يعرفوا نشوة عبير ترابها، ولا ألفة العصافير الصغيرة، ولا وجوه الأعشاب والزهور على التلال،
لن يسمّوا النسيم، ولن يحفظوا نبرة الشمس على بشرتهم.
هذه الأرض ليست وحدة إنتاج تدار من الفلل المكيفة بالطائرات المسيّرة.
بل هي قصة عشق عمرها آلاف السنين بين كائنين حيّين، لا يفهمها إلا أبناء التراب.
المصدر: Middle East Monitor

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

Related Posts