عربة التسوق

المجموع الفرعي $0.00

عرض العربةتسجيل الخروج

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, business, Entertainment, sports, science,

المقالات
Email :34
لقد دفعت إدارة ترامب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى اتخاذ خطوة لم يقم بها أي حليف من قبل — التخلي عن الدور الأمريكي والابتعاد عنه. فقد أعلن عباس أن الولايات المتحدة فقدت حيادها، وبالتالي أهليتها كراعٍ للمفاوضات السلمية. وردًا على ذلك، أغلقت إدارة ترامب مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، مبتعدة أكثر عن كونها وسيطًا محايدًا، لتتحول إلى طرف أكثر “إسرائيلية” من الإسرائيليين أنفسهم.
هذا الخلاف العلني بين عباس وترامب جاء نتيجة عمل ممنهج من قبل ترامب وفريقه المؤيد لإسرائيل على تدمير الأسس الأساسية للقضية الفلسطينية. أولى هذه الخطوات كانت إزالة القدس من طاولة المفاوضات، والاعتراف بها كعاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، في تناقض صارخ مع القانون الدولي الذي يعتبر المدينة محتلة، ومع اتفاقيات السلام العربية والفلسطينية التي تعتبر القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
أثار هذا القرار غضبًا عارمًا، ليس فقط في العالم العربي والإسلامي، بل أيضًا بين الأوروبيين وفي مناطق أخرى. كما أفقد الفلسطينيين الثقة في دور الوسيط الأمريكي وحياده.
الخطوة الثانية تمثلت في وقف المساعدات المالية الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التي بلغت 365 مليون دولار، وهو ما هدد بانهيار منظومة الدعم التي كانت تساعد في بقاء اللاجئين الفلسطينيين على قيد الحياة لأكثر من نصف قرن، وحمّل العبء لدول المضيفة مثل الأردن ولبنان وسوريا، والتي تعاني أصلًا من أزمات اقتصادية.
ولزيادة الطين بلّة، أوقفت إدارة ترامب المساعدات حتى للمستشفيات الفلسطينية، لكنها أبقت — بناء على توصية إسرائيلية — على الدعم لقوات الأمن الفلسطينية، مما حول السلطة إلى أداة أمنية في يد الاحتلال، دون أن تقدم لشعبها أي شيء تقريبًا بالمقابل.
لعبت إدارة ترامب لعبة خطيرة مستغلة طموحات الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد الإمارات، في لعب دور إقليمي يتجاوز حجم بلاده، ومحمد بن سلمان، الذي تخطى أعمامه وأبناء عمومته ليصبح الملك القادم للسعودية. وقد لعب هذان الزعيمان دورًا مثيرًا للجدل في القضية الفلسطينية. فمحمد بن زايد، يُعتقد أنه نقل ملكيات عقارية فلسطينية داخل البلدة القديمة بالقدس لليهود الإسرائيليين، مما يساعد على تكريس الأغلبية اليهودية داخل أسوار المدينة. وقد أثار ذلك سخطًا واسعًا لدى الفلسطينيين تجاه القيادة الإماراتية.
أما محمد بن سلمان، فقد ضغط على عباس ليكون أكثر لينًا تجاه خطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية. كما حاول الضغط على الأردن بشأن القدس، وألمح إلى أن السعودية، بصفتها حامية الحرمين الشريفين، أحق بالوصاية على المسجد الأقصى، مما أثار غضب الأردنيين الذين يستمدون جزءًا كبيرًا من شرعيتهم السياسية من وصايتهم على الأماكن المقدسة في القدس. ومع ذلك، لم يستطيعوا التعبير عن غضبهم بشكل علني بسبب حاجتهم للدعم الاقتصادي السعودي. ونتيجة لذلك، التقى الملك عبد الله بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان أربع مرات خلال عام واحد، وبدأ بتحسين علاقاته مع إيران، وهو ما اعتُبر تهديدًا أكثر منه رسالة.
من المحتمل أن الفلسطينيين استبشروا حين ظهرت فضيحة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي التي تورط فيها محمد بن سلمان. فبالنسبة لهم ولغيرهم في المنطقة، فإن إزاحته عن ولاية العهد قد تشكل بداية سلسلة من التغيرات في الشرق الأوسط، وعلى امتداده في العالم، خصوصًا في إسرائيل والولايات المتحدة. فمحمد بن سلمان هو اللاعب الأساسي في تنفيذ “صفقة القرن”، وبالتالي فإن إبعاده قد يعني نهاية هذه الصفقة، وربما أيضًا سقوط حليفه الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وراعيه الأمريكي دونالد ترامب.
رغم أن لدى محمود عباس العديد من النواقص، إلا أنه يُعتبر من أكثر السياسيين العرب خبرة، ومعروف بعناده. ورغم أنه لا يملك الكثير من الأوراق، إلا أنه يعلم جيدًا أنه سيكون من الصعب جدًا على الأمريكيين والإسرائيليين الاستغناء عنه، لأنه لا يوجد أي زعيم فلسطيني آخر قادر على تقديم ما قدمه. وإذا تنحّى، فإن القضية الفلسطينية ستؤول إلى حركة حماس، وهو أمر لا يبدو أن أحدًا، وخصوصًا الأنظمة العربية، يرغب فيه.
لكن عباس بدوره لديه مخاوف من حماس، إذ يخشى أن تقوّض إسرائيل سلطته من خلال الاعتراف بحكم حماس في غزة. ورغم أن حماس تتفق معه على أهمية وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أنه يخشى أن تتحول الدولة الفلسطينية التي حلم بها طوال حياته، وضحى من أجلها بكل شيء، إلى مجرد بقعة معزولة من الأرض تحت حكم حماس، كما صرح مؤخرًا وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت.
إنه من المأساوي أن يكون الفلسطينيون مجبرين على انتظار خلاصهم وسقوطهم من الجهة ذاتها — الولايات المتحدة الأمريكية. فمن جهة، هناك “صفقة القرن” التي تهدف إلى إنهاء أحلامهم الوطنية في إقامة دولة مستقلة. ومن جهة أخرى، قد تكون هذه الجهة نفسها هي التي ستُسقِط عرّاب الصفقة وحلفاءه.
المصدر: Middle East Monitor

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

Related Posts