عربة التسوق

المجموع الفرعي $0.00

عرض العربةتسجيل الخروج

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, business, Entertainment, sports, science,

المقالات
Email :10
بعد سنوات قليلة من تولي ياسر عرفات قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية، حاول استمالة الغرب ليقدّم له شيئًا مقابل ما سمّاه بـ”السلام”. لا يزال كثيرون يتذكرونه في الأمم المتحدة عام 1974 مرتديًا سترة بيضاء، وهو يقول:
“جئتكم وأنا أحمل غصن زيتون في يد، وبندقية الثائر في اليد الأخرى. فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي.”
وكما أخبرني أحد القادة السابقين في حركة فتح ومرافقي عرفات، فإن عرفات ومجموعته كانوا يعتقدون دائمًا أن التحرير يجب أن يحدث في حياتهم، وأنهم يجب أن يتمتعوا بثماره. ومنذ المراحل المبكرة، كانوا مقتنعين بأنهم لا يستطيعون هزيمة الصهاينة الذين يحظون بالدعم الأمريكي والغربي. لذلك، كانوا مستعدين منذ البداية لحلّ لا يحقق التحرير الكامل، على عكس غالبية الفلسطينيين. لذا، لم يكن صادمًا لذلك الصديق أن ينتهي المطاف بعرفات إلى اتفاق سيء مثل اتفاق أوسلو، الذي جرى ترتيبه سرًّا على يد محمود عباس، خليفته.
وقد رفضت معظم الفصائل الفلسطينية الاتفاق، بما في ذلك فصائل داخل منظمة التحرير. واستقال عدد كبير من أعضاء “فتح” والمجلس الوطني الفلسطيني احتجاجًا، مثل محمود درويش وإبراهيم أبو لغد وإدوارد سعيد، الذي اتهم عرفات بالخيانة.
محاولات فتح لقيادة الحركة الوطنية الفلسطينية أدّت في النهاية إلى احتكار كامل للقرار الوطني. فالفصائل الأخرى، التي كانت تعتمد ماليًا على منظمة التحرير، اضطرت للرضوخ لقرارات عرفات حتى وإن عارضتها. ومن رفض، تعرّض للتشويه أو التخويف، وأحيانًا للقمع العنيف، بما في ذلك الاغتيال.
رغم وجود انتخابات في مؤسسات منظمة التحرير وهيئات فلسطينية أخرى، فإنها كانت في أغلب الأحيان شكلية. ولم يكن عرفات ومعظم القيادة الفلسطينية يؤمنون بالتداول السلمي للسلطة، وكان يُسمح للمعارضة فقط إن كانت تجميلية تخدم إضفاء الشرعية على ما يسمونه بـ”القيادة التاريخية”.
في الثمانينيات، وبعد صعود حماس والجهاد الإسلامي كمنافسين جديين، حاولت فتح التصدي لهما. في البداية، رفض عرفات الاعتراف بوجودهما. ثم روّج إشاعة – لا تزال شائعة – بأن هذه الحركات من صناعة إسرائيل لتقسيم القرار الوطني الفلسطيني. وكان عناصر فتح يعتدون على أفراد حماس والجهاد في الجامعات، والمساجد، وحتى في سجون الاحتلال.
عام 1993، وُقّعت اتفاقية أوسلو، ومنذ تلك اللحظة، بدأ شرخ عميق بين الشعب الفلسطيني، الذي كان يومًا موحدًا خلف خيار المقاومة. وكان عرفات يعتقد – وأقنع كثيرين – أن الدبلوماسية يمكن أن تحقق لهم دولة مستقلة. لكن هذا الحلم الجميل كان وهمًا، أدركه عرفات قبل وفاته الغامضة.
“عملية السلام” التي كان يُفترض أن تؤدي إلى دولة فلسطينية خلال ست سنوات استمرت لنحو عقدين، ونتيجتها كانت تكريس الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة. وفهم عرفات أخيرًا أنه تحوّل إلى شرطي مهمته تهدئة شعبه، بينما تُضمّ أراضيهم وتُنهب مواردهم.
مع انطلاق الانتفاضة الثانية بعد اقتحام أرييل شارون المسجد الأقصى، بدأ عرفات بدعم خلايا مقاومة سرًّا، وأطلق سراح كثير من قادة حماس. عندها قرر شارون وجورج بوش التخلص منه، فدمّر جيش الاحتلال معظم البنى التي بناها عرفات بمساعدات أوروبية، وفرض عليه الحصار في مقره برام الله، وأجبره على قبول محمود عباس رئيسًا للوزراء.
وهكذا أصبح واضحًا أن إسرائيل وأمريكا كرهتا عرفات وفضّلتا عباس.
تدهورت صحة عرفات تدريجيًا وبشكل غامض حتى وفاته، وتسلّم عباس القيادة. لكن عباس لم يؤمن لا بالمقاومة المسلحة ولا السلمية، كما يظهر بوضوح في أسلوب حكمه. بدا وكأنه يعتقد أن إقناع الأمريكيين وطمأنة الإسرائيليين هو الطريق إلى الدولة، وهو تفكير يوصف بأنه ساذج جدًا.
لكن كانت هناك عقبات، أولها المجموعات المسلحة التابعة لفتح التي أسسها ومولها عرفات، وتمكن عباس من تصفيتها بسرعة. أما التحدي الأكبر فكان حماس، التي عجز عرفات نفسه عن احتوائها. فقرر عباس التوجه إلى الانتخابات، مُعتقدًا أن حماس لن تحصل على أكثر من 30%، وسيتمكن من فرض رؤيته عبر الديمقراطية.
لكن المفاجأة كانت فوز حماس بالأغلبية. لم يكن أمام عباس إلا الاعتراف بالنتائج، لكنه بدأ بمحاربة الحكومة المشكلة من حماس، وضغط على الفصائل الأخرى لمقاطعتها. وبمساعدة شخصيات مثل محمد دحلان – رئيس الأمن الوقائي في غزة آنذاك – شنّ تمردًا مسلحًا، مما جعل عمل الحكومة شبه مستحيل.
قادة حماس المحليون سئموا الوضع، وبقوتهم المحدودة، طردوا دحلان وقادة فتح من غزة. وردّ عباس بقمع حماس في الضفة. ومنذ ذلك الحين، احتكرت مجموعة عباس تمثيل الفلسطينيين بحجة أن ما جرى في غزة “انقلاب”، وأنه لا مصالحة إلا إذا سلّمت حماس كل شيء، وهو ما أعطى عباس حرية كاملة للمضي في مشروعه دون معارضة.
نعم، حكم عباس دون منازع، لكنه فشل فشلًا ذريعًا.
فبعد ثلاثين عامًا من العمل لتطبيق اتفاق أوسلو، لم يجد ما يقوله سوى شتائم فظة بحق الأمريكيين والإسرائيليين، لأنه لم يعد يملك ما يفعله. ويفتقر عباس إلى الشجاعة ليعترف أنه قاد شعبه إلى كارثة، ويعتذر ويتنحى لقيادة جديدة.
وربما قريبًا، كما حدث مع عرفات، سيرحل عباس، ويترك خلفه شعبًا يواجه تركة مريرة من الإخفاقات والانقسام.
المصدر: Middle East Monitor

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

Related Posts