عربة التسوق

المجموع الفرعي $0.00

عرض العربةتسجيل الخروج

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, business, Entertainment, sports, science,

مقالات رأي
Email :11
من التناقضات الغريبة في الصهيونية السياسية أنها، رغم تأسيسها كردّ فعل على المجازر الدموية التي تعرّض لها اليهود في أوروبا وروسيا – وكمحاولة لإنقاذهم من تلك المذابح عبر إنشاء “ملاذ آمن” لهم – فإن مؤسسي دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومن جاؤوا بعدهم، لم يترددوا مطلقًا في إلحاق معاناة وألم فادحين بالآخرين لتحقيق أهدافهم.
الهدف المعلن، والمتمثل في التأكد من أن المحرقة النازية – باعتبارها المذبحة الكبرى – “لن تتكرر أبدًا” بحق اليهود،
تحوّل إلى سياسة تجعل “التكرار المستمر” هو القاعدة عندما يتعلق الأمر بانتهاكات إسرائيل بحق الفلسطينيين، وأي شخص تعتبره عدوًا لها.
وبما أن الدولة أُنشئت خصيصًا لشعب على أساس عرقي وديني، فهناك من يجادل بأن الصهيونية أيديولوجية عنصرية.
وقد تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الرأي عندما أصدرت القرار رقم 3379 في نوفمبر 1975، والذي نصّ على أن “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”.
لكن، وتحت ضغط من الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، أُلغي هذا القرار في عام 1991.
رغم ذلك، لا تزال الفكرة الجوهرية – التي ترى في اليهود “شعب الله المختار” – تنعكس في السياسة الإسرائيلية الرسمية التي تُعامل الفلسطينيين والعرب عموماً كـ”أدنى منزلة”، وتُمعن في إذلالهم منذ أكثر من سبعين عامًا.
تستهدف إسرائيل كل من يعترض طريقها في مشروع احتلال أكبر قدر ممكن من فلسطين التاريخية بأقل عدد ممكن من الفلسطينيين.
الهدف المأمول هو “إسرائيل الكبرى”.
وقتل الفلسطينيين وغيرهم من غير اليهود ليس قرارًا أخلاقيًا، بل قرار نفعـي يُتخذ بناءً على الفوائد التي يمكن أن تجنيها إسرائيل.
فالعلماء، القادة المجتمعيون، الدينيون، أو أي شخص “يُعيق المسار”، يمكن أن يكون هدفًا للاغتيال، بغض النظر عن عرقه أو دينه أو جنسيته أو جنسه.
هذه الجرائم ليست تصرفات فردية أو “أفعال مارقة” من بعض الجنود، بل هي سياسات ممنهجة يوافق عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه – أي أن بنيامين نتنياهو شريك مباشر في هذه الجرائم.
في الحالة الإسرائيلية، لا يُمثّل الإرهاب أسلوب عمل الأفراد أو الجماعات غير الرسمية، بل بات سمة تُعرّف الدولة نفسها.
لطالما دعم رؤساء الوزراء الإسرائيليون المتعاقبون هذه العمليات “القاتلة”،
واستهدفت عملياتهم فلسطينيين وغير فلسطينيين على حد سواء، ونادرًا ما تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عنها، حتى عندما تفشل في إصابة الهدف.
وقد ارتكبت إسرائيل على مدى عقود آلاف الجرائم، بما في ذلك جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وتطهير عرقي، وقتل جماعي.
ومع ذلك، لم تُحاسب حتى اليوم.
فهي تتعامل مع القوانين والمواثيق الدولية باحتقار واضح، مطمئنةً إلى أن حلفاءها في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وحقها في النقض في مجلس الأمن، سيحمونها دائمًا.
بريطانيا مثال بارز على هذا التواطؤ، فقد قامت الحكومة البريطانية بتغيير قانون “الولاية القضائية العالمية” لحماية مجرمي الحرب الإسرائيليين من الملاحقة القضائية.
وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني قد اضطرت لإلغاء زيارتها إلى بريطانيا، بعدما أُصدرت مذكرات اعتقال بحقها على خلفية جرائم إسرائيل في غزة.
وعند سماعها بالخبر، علّقت ليفني قائلة:
“على العالم الحر التفرقة بين مجرمي الحرب الحقيقيين، ومن يحاربون الإرهاب ضد المدنيين، بما في ذلك ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي”.
وبعدها مباشرة، قامت الحكومة البريطانية بتعديل القانون.
إن التستر على مجرمي الحرب لا يُعفي من المسؤولية، بل يجعل من يحميهم شركاء في الجريمة.
ومع معرفتهم أنهم لن يُحاسبوا، تزداد جرأة الساسة الإسرائيليين في ارتكاب المزيد من السياسات والممارسات غير القانونية.
مستوى النفاق والمعايير المزدوجة في إسرائيل مذهل بالفعل.
فرغم أن عقوبة الإعدام لم تعد متاحة في المحاكم الإسرائيلية،
فإن الاغتيالات خارج نطاق القانون منتشرة في إسرائيل أكثر من معظم دول العالم.
هكذا تفهم إسرائيل القانون والديمقراطية،
ورغم ذلك تصر على أنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
إن هذا العقل الاستعلائي كان سائدًا في أوساط القادة الإسرائيليين حتى قبل قيام الدولة عام 1948.
فأعضاء وقادة المنظمات الإرهابية مثل “الإرغون” و”شتيرن” أصبحوا لاحقًا سياسيين بارزين في الدولة، بل تولّى بعضهم منصب رئيس الوزراء.
وقبل أسابيع فقط، صرّح إيهود باراك – رئيس الوزراء الأسبق (1999–2001) وأكثر الجنود تزيينًا بالأوسمة في تاريخ إسرائيل –
بكل وقاحة، أنه أمر بقتل 300 فلسطيني خلال 3 دقائق فقط.
واللافت أن هذا الرجل كان زعيم حزب العمل، الذي يُفترض أنه “يساري”، مما يُبرز مدى التطرّف اليميني الذي وصل إليه المشهد السياسي الإسرائيلي.
لكن باراك لم يكن أقل دموية من غيره من قادة حزب العمل.
فالرئيس السابق شيمون بيريز، الذي يُحتفى به في الغرب كحائز على جائزة نوبل للسلام،
تتذكره الشعوب العربية كـ”مهندس مجزرة قانا” في لبنان.
ففي 18 أبريل 1996، لجأ نحو 800 مدني لبناني إلى مقر قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في قرية قانا، هربًا من العدوان الإسرائيلي ضمن عملية “عناقيد الغضب”.
لكن الجيش الإسرائيلي قصف المقر عمدًا بالمدفعية،
ما أسفر عن مقتل 106 مدنيين، وإصابة 116 آخرين.
في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 سبتمبر، قال رئيس الوزراء الماليزي المخضرم مهاتير محمد:

“الحروب تشجع القتل وتمنحه شرعية.
بل إن القتل يُصبح عملاً نبيلًا، ويُحتفى بالقتلة كأبطال.
تُعلق الأوسمة على صدورهم، وتُنصب لهم التماثيل، وتُخلّد أسماؤهم في كتب التاريخ.
هناك خلل ما في طريقة تفكيرنا، وفي منظومتنا القيمية.
اقتل إنسانًا واحدًا، فهو قتل؛ اقتل مليونًا، فتصبح بطلًا.”

وهذا هو جوهر سياسة إسرائيل في “الاغتيالات المستهدفة”:
قتلٌ مع سبق الإصرار، يُغلف بمسميات براقة.
تواطؤ الغرب، وتغطرس إسرائيل، جعلا من هذا القتل شيئًا “مقبولًا”.
نعم، هناك خلل عميق في قيمنا وفي نظرتنا للعالم،
عندما يصبح هذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم.
المصدر: Middle East Monitor

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

Related Posts