عربة التسوق

المجموع الفرعي $0.00

عرض العربةتسجيل الخروج

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, business, Entertainment, sports, science,

المقالات
Email :36
تُعدّ تصريحات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) لعام 2018، مفتاحًا لفهم كيفية إدارة “إسرائيل”. فنتنياهو ليس فقط أطول رؤساء وزراء إسرائيل حكمًا، بل يختلف عن أسلافه في نواحٍ عديدة، أبرزها أنه نشأ في الولايات المتحدة وتشرّب ثقافتها وتكتيكاتها السياسية. وقد انعكس ذلك بوضوح على سلوكه السياسي ونظرته للعالم ولذاته.
في خطابه أمام أبرز جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في أمريكا، لم يتصرف نتنياهو كرئيس وزراء زائر لدولة أجنبية، بل كـ”بائع محترف” يسعى لإقناع شركائه التجاريين بأن أموالهم “تُستثمر بشكل جيد”، وأن مشروعهم، أي إسرائيل، “ينمو ويزدهر”. كان هذا المشهد يذكرنا بزمن الاستعمار، حين كانت الدول تُعامل كمشاريع تجارية، والشعوب كعبيد.
نسي نتنياهو أن الشرعية لا تُقاس بحجم النجاح التجاري ولا بدرجة التطور التكنولوجي. ولو كانت كذلك، لكان أدولف هتلر يُصنّف أحد أعظم القادة!
عندما وقف نتنياهو على خشبة المسرح بين أصدقائه في AIPAC، بدا وكأنه نسي أنه في أمريكا وليس في إسرائيل. قال إنه لا يستطيع رؤية الحضور من خلف المنصة، فقرر أن يتجوّل على المسرح مخالفًا تعليمات المنظمين. وعلّق قائلًا: “ما المشكلة؟ أنا رئيس الوزراء!”
قد تكون هذه الجملة واحدة من اللحظات القليلة الصادقة في خطابه كله، إذ أن شعور الدفء والحفاوة في أجواء المؤتمر جعله يعتقد للحظة أنه يخاطب جمهورًا إسرائيليًا، لا أمريكيًا.
لكنه تناسى أو تجاهل أن تبني أيديولوجيا يمينية دينية متطرفة لا يتماشى مع ما تفعله الحكومات الحديثة المتقدمة، بل يناقض تمامًا دعاية إسرائيل عن نفسها.
فبغض النظر عن عدد التطبيقات التي تُنتجها، أو عدد شركات البرمجيات التي تمتلكها، فإن التقدم الحقيقي هو سلوك ونهج ذهني، لا مجرد منجزات مادية.
عندما يعتمد زعيم على أساطير دينية لنهب أرض الغير وتدمير ثقافتهم، فلا ينبغي له أن يتوقع أن يُنظر إليه كقائد لدولة متقدمة.
تجاهل نتنياهو الحقيقة البديهية بأن السلطة لا يمكن احتكارها إلى الأبد، ومهما حاول التمسك بها، فإن طموحه اللامحدود للهيمنة سيُلهم الآخرين لتقليده – خاصة الفلسطينيين والإيرانيين – وهذا ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى دمار إسرائيل نفسها.
كما أنه لا يدرك أن السلام لا يتحقق بتكديس القوة العسكرية، بل عبر تحقيق العدالة وإنهاء العداء مع الآخرين.
في نظر نتنياهو، إسرائيل تحمي العالم كله بفضل “أجهزة استخباراتها التي لا مثيل لها”، والتي تتيح للناس السفر بأمان!
لكن هذا الطرح يتجاهل حقيقة أن كثيرًا من الأعمال الإرهابية تنبع من الشعور بالظلم الذي يعانيه الناس نتيجة السياسات الإسرائيلية وحلفائها.
والواقع أننا قد نكون أكثر أمانًا لو احترمت إسرائيل القانون الدولي بقدر ما تحترم صورتها الذاتية.
وفي حين تباهى نتنياهو بقوة جيشه، فإنه لم يشر إلى أن هذه القوة مستمدة إلى حد كبير من المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية الضخمة، لا سيما في عهد ترامب الذي يصفه نتنياهو بـ”قورش العصر الحديث”.
إسرائيل تتلقى مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين سنويًا لدعمها عسكريًا.
قال نتنياهو إن إسرائيل “تضرب فوق وزنها بـ200 مرة”، رغم أنها تمثل فقط “عُشر بالمئة من واحد بالمئة من سكان العالم”، وأنها تحصل على 20% من الاستثمارات الخاصة عالميًا في الأمن السيبراني.
لكن السؤال هو: كم تبلغ نسبة سكان العالم الذين يمثلهم عمالقة التكنولوجيا مثل Apple وMicrosoft؟ وهل يتم تقييم الدول على أساس “الضرب فوق الوزن”؟ وهل كانت إسرائيل “فاشلة” قبل أن يتولى نتنياهو الحكم ويطبّق مبادئ السوق الحرة؟
تفاخر نتنياهو بمهارات الإسرائيليين في الزراعة والمياه، وقال إن بلاده تعيد تدوير 90% من مياهها العادمة.
لكنه لم يذكر أن المستوطنين الإسرائيليين يقتلعون أشجار الزيتون الفلسطينية المعمّرة، وينهبون مصادر المياه في الضفة الغربية المحتلة.
بل إن مستوطنين قاموا مؤخرًا بإغراق قرية الخان الأحمر بالمياه العادمة لإجبار سكانها على الرحيل. فهل هذا هو الـ10% من المياه التي فشلت إسرائيل في تدويرها؟
قال نتنياهو إن “إسرائيل تغيّر العالم” في الهند، وآسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وفي كل مكان، وهو ما دفع الدول إلى إقامة علاقات دبلوماسية معها.
لكنه تجاهل أن هذه العلاقات لا تُبنى على مشاريع ريّ في الهند، أو توليد المياه من الهواء في أفريقيا، بل على قدرة إسرائيل على إنتاج وتسويق الأسلحة الفتاكة.
كما أن الدول لا تقيم علاقات مع إسرائيل بدافع المصالح المشتركة، بل بسبب الرعاية الأمريكية المباشرة.
ثم جاء على ذكر “تنوع” جيش الاحتلال الإسرائيلي، متباهياً به، رغم أن حكومته أقرت مؤخرًا “قانون الدولة القومية اليهودية” العنصري، وهو قانون يكرّس نظام الفصل العنصري (الأبارتهايد) وينسف فكرة التنوع واحترام حقوق الإنسان.
في النهاية، فإن نتنياهو يرى أن كل ما تفعله إسرائيل هو “خير”، وكل ما يحاول الآخرون فعله تجاهها هو “شر”.
يهتم كثيرًا بصورته الشخصية أمام العالم، ويبذل كل ما في وسعه لتبدو إيجابية.
قد يكون بالفعل بائعًا ماهرًا، لكنه لا يُعد حتى نصف سياسي ناجح، كما أثبتت مغامراته في بلاد عجائب AIPAC.
المصدر: Middle East Monitor

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة تحمل علامة *

Related Posts