كل من يتابع موجة التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية والإسلامية سيشعر وكأن جبل جليدي يذوب بسرعة مذهلة، وسيتحول قريبًا إلى سيل عارم قد يجرف القضية الفلسطينية بالكامل. هناك شخصان سعيدان جدًا بهذا — نتنياهو وترامب. هذان الزعيمان أنانيان إلى درجة أنهما على استعداد لإلحاق ضرر غير مسبوق بشعبيهما. كلاهما متهور ولا يدرك تمامًا العواقب الكارثية لتعريتهم لحلفائهم العرب والمسلمين، وفضحهم للعلاقات السرية مع إسرائيل.
وكما يقول المثل: “عدو حكيم خير من صديق أحمق”. وقد أثبت ترامب أنه صديق أحمق لإسرائيل. ففي تصريح غريب بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، قال ترامب:
“إذا نظرت إلى إسرائيل، فإن إسرائيل ستكون في ورطة كبيرة بدون السعودية. فماذا يعني ذلك؟ هل ستغادر إسرائيل؟ هل تريد لإسرائيل أن تغادر؟ لدينا حليف قوي في السعودية”.
في هذا التصريح الأحمق، وجّه ترامب ثلاث صفعات دفعة واحدة:
-
صفعة لأمريكا نفسها، إذ صوّرها كدولة دموية لا تهتم بالقانون أو الأخلاق طالما حصلت على المقابل المالي، كما هو الحال في بعض دول العالم الثالث.
-
صفعة لإسرائيل، التي تحاول دائمًا تقديم نفسها كدولة عصرية، مستقلة وقوية. لكن ترامب أظهرها ككيان هشّ لا يستطيع البقاء من دون دعم سعودي، ما ينسف سردية “القوة الذاتية” ويصوّرها كدولة مؤقتة لا مستقبل لها.
-
صفعة قاسية للأنظمة العربية، وخصوصًا السعودية، إذ أوضح أن هذه الحكومات ليست سوى أدوات في يد أمريكا وإسرائيل، ولا تستحق ثقة الشعوب، فضلًا عن مسؤوليتها عن الحرمين الشريفين ومقدسات المسلمين. وما قاله ترامب يتماشى تمامًا مع سرديات القاعدة وسائر التنظيمات الجهادية، ما قد يشعل موجة جديدة من العنف في العالم الإسلامي.