Shopping cart

Subtotal $0.00

View cartCheckout

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, politics, business, entertainment, sports, science,

Opinion articles
Email :40

الإثارة الناتجة عن كشف الأسرار الخفية تجذب الناس، خصوصًا عندما تتعلق بحقائق راسخة. ولهذا، يحرص مهدي حسن على عرض الجانب المخفي من الصورة لجمهوره، أو التأكيد على عدم وجود هذا الجانب إذا لم يكن موجودًا فعلاً.

في برنامجه “النتائج العكسية” (Blowback) على موقع “ذي إنترسبت”، أراد مهدي حسن أن يوضح لنا ما يجب أن نعرفه حقًا عن حركة حماس، الأمر الذي يبدو متناقضًا مع ما نعرفه مسبقًا عن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية. وبحسب الصحفي، فرغم أن “إسرائيل” خاضت ثلاث حروب ضد حماس، إلا أن الدولة الصهيونية ساعدت فعليًا في “إنشاء” الحركة. وصل إلى هذا الاستنتاج من خلال تبني الرواية الإسرائيلية بشكل أساسي، ولم يكن هناك أي تمثيل لصوت حماس في برنامجه؛ بل غابت الحيادية تمامًا.

فلسطين الحقيقية مقابل فلسطين الافتراضية
يفترض مهدي حسن أن فلسطين بلد علماني قومي، وليست دينية أو إسلامية. ويؤكد أن الحركة الوطنية الفلسطينية لم تُلهمها أو تقُدها المبادئ الإسلامية، بل القومية العلمانية. إلا أن هذا الطرح يتجاهل جزءًا كبيرًا من التاريخ الفلسطيني؛ فالمقاومة المسلحة الأولى (الفدائية) تأسست عام 1919 على يد مجموعة من علماء المسلمين، من بينهم الشيخ حسن أبو السعود، الشيخ محمد يوسف العلمي، والشيخ محمد أمين الحسيني. وفي الثلاثينيات، ظهرت حركة مقاومة أخرى معروفة باسم “الجهادية” أسسها الشيخ عز الدين القسام. أما الحركة الوطنية الفلسطينية عمومًا، فقد قادها عالم دين بارز آخر، هو المفتي العام لفلسطين، الشيخ محمد أمين الحسيني. حتى رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأول، أحمد الشقيري، هو ابن الشيخ أسعد الشقيري، مفتي الجيش العثماني الرابع وعضو البرلمان العثماني.

أما مؤسسو حركة فتح، التي وصفها مهدي حسن بأنها علمانية، فكان العديد منهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين، مثل خليل الوزير (أبو جهاد) الذي كان رئيس الجناح الشبابي للجماعة في فلسطين، بالإضافة إلى عبد الفتاح حمود، سليم الزعنون، محمد يوسف النجار، صلاح خلف، رفيق النتشة، فتحي البلاوي، يوسف عميرة، وكمال عدوان. حتى ياسر عرفات نفسه كان على علاقة وثيقة بجماعة الإخوان. وفي الواقع، كان الإسلام هو القوة الدافعة الأساسية خلف حركات المقاومة ضد الاستعمار في العالم الإسلامي.

وقد تأسست جماعة الإخوان المسلمين أساسًا كرد فعل على سقوط الخلافة الإسلامية، والذي اعتُبر مؤامرة استعمارية. وكان من أهم أهداف الجماعة مقاومة الاستعمار. مؤسسها، الشيخ حسن البنا، دعم حركات التحرر في العالم الإسلامي، وخصوصًا في فلسطين.

ولعب الإخوان المسلمون دورًا بارزًا في دعم الحركة الوطنية الفلسطينية، حيث انضم العديد من الشخصيات البارزة في المجتمع الفلسطيني إلى الجماعة وأسّسوا فروعًا لها. ويُعتقد أن أول فرع فلسطيني للجماعة تأسس عام 1937. وكان للحركة الإسلامية فروع في جميع المدن الفلسطينية الكبرى، بما في ذلك القدس، حيفا، نابلس وغزة. معظم القيادات الفلسطينية إما انضمت للجماعة أو كانت على علاقة جيدة بها، مثل الشيخ أمين الحسيني. وكان أعضاء الجماعة نشطين في العمل الاجتماعي والسياسي، لا سيما في مواجهة الحركة الصهيونية. وشمل نشاطهم تنظيم مجموعات مسلحة محليًا وفي دول عربية مجاورة كـ مصر، سوريا، العراق والأردن.

ليس من المستغرب إذًا أن أغلب جماعات المقاومة الفلسطينية كانت إسلامية، وأُنشئت بدعم أو بمشاركة من أعضاء الإخوان المسلمين. وكان العديد من مؤسسي حماس من أولئك الذين رفضوا مغادرة جماعة الإخوان والانضمام إلى فتح عند تأسيسها.

وبسبب الحملة الشرسة التي شنّها جمال عبد الناصر والإعلام المصري ضد جماعة الإخوان، تضرر هيكل الجماعة وصورتها. وكان قادتها يعتقدون أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت لإعادة البناء قبل الشروع في تأسيس حركة مقاومة.

لكن جماعة الإخوان لم تتوقف عن العمل داخل المجتمع الفلسطيني، بل كانت من أقوى الحركات السياسية والاجتماعية، ونشطت في الجامعات، المؤسسات المجتمعية، النقابات، وعلى المستوى الشعبي. وبعد ضربة قوية تلقاها فصيلا منظمة التحرير وفتح على يد الاحتلال الإسرائيلي في لبنان عام 1982، ما هدد مستقبل الحركة الوطنية الفلسطينية، بدأ المزاج العام داخل الجماعة يتغير.

وفي عام 1983، قرر الشيخ أحمد ياسين، الذي وصفه مهدي حسن بـ “رجل دين فلسطيني كفيف ومقعد”، إلى جانب قادة آخرين من الإخوان، بناء ترسانة سلاح، فتم اعتقالهم في عام 1984 من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. وكان الشيخ ياسين شخصية جماهيرية بارزة وخطيبًا معروفًا في غزة، وتم الإفراج عنه في صفقة تبادل أسرى عام 1985.

وبمرور الوقت، اقتنع عدد متزايد من أعضاء الجماعة بضرورة إطلاق حركة مقاومة شاملة، لكنهم كانوا ينتظرون اللحظة المناسبة، والتي جاءت في أواخر عام 1987 عندما دهس سائق شاحنة إسرائيلي ثلاثة فلسطينيين، ما أشعل شرارة الانتفاضة الأولى. وبعد فترة قصيرة، في منتصف ديسمبر 1987، صدر أول بيان لحركة المقاومة الإسلامية، المعروفة لاحقًا باسم “حماس”.

هل ساعدت إسرائيل حماس؟
من المرجّح أن إسرائيل حاولت التلاعب بالمشهد الفلسطيني من خلال إشعال الخلافات بين الفصائل، لكنها فشلت إلى حد كبير. ولا توجد وثيقة أو شهادة، حتى من تلك التي استخدمها مهدي حسن في برنامجه، تُظهر بشكل صريح أن حماس تلقت دعمًا مباشرًا من إسرائيل. ويستشهد مهدي حسن بياسر عرفات، الذي كان خصمًا لحماس، لإثبات وجهة نظره، لكن إلى أي مدى يمكن أخذ هذا الادعاء بجدية؟ ينطبق ذلك بشكل أكبر على الإسرائيليين والأمريكيين الذين أعلنوا حربًا مفتوحة على حماس.

علاوة على ذلك، لم يوضح مهدي حسن لمتابعيه أن إسرائيل، باعتبارها قوة احتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة، كانت مسؤولة قانونيًا – حسب القانون الدولي – عن توفير احتياجات السكان، بما في ذلك المدارس والمساجد والمؤسسات المجتمعية. وكان على الفلسطينيين الحصول على تصاريح من الإدارة العسكرية الإسرائيلية لكل شيء، من دفن موتاهم إلى بناء جامعة. لذلك، من المستحيل عمليًا أن يكون الشيخ ياسين قد أسس منظمة مجتمع مدني في 1978 وبنى خلال خمس سنوات شبكة ضخمة تنافس فتح دون أن تكون هناك أرضية تنظيمية سابقة من الإخوان المسلمين. ومن المهم التوضيح أن امتلاك المؤسسات المدنية لم يكن مقتصرًا على حماس، بل امتلكت كل الفصائل الأخرى مؤسسات مماثلة، بما في ذلك فتح.

حماس وداعش؟
توصل مهدي حسن إلى استنتاج صادم؛ أن كل الحركات الإسلامية هي صنيعة قوى استعمارية. وادّعى أن المشكلة في فلسطين ليست الاحتلال الإسرائيلي، بل حماس، التي يراها حركة متطرفة لا تختلف عن داعش، وليست حركة تحرير. ويرى أن حماس ليست سوى جماعة إسلامية متطرفة معادية للسامية وتناهض “فتح” التي يعتبرها واقعية ومسؤولة عن عملية السلام.

لكن حماس فازت بأول وآخر انتخابات حرة ونزيهة في فلسطين عام 2006، وحصلت على أكثر من 57٪ من مقاعد المجلس التشريعي، ما جعلها أكبر حركة سياسية فلسطينية. تشبيه حماس بداعش، باعتبار كلتيهما “صناعة خارجية”، يُعد ضربة قاسية للحركة الوطنية الفلسطينية ولطموحات الشعب الفلسطيني في نيل الحرية.

لم تنشأ حماس في فراغ؛ بل هي الامتداد المقاوم لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين. وبذلك، فإن جذورها أقدم من حركة فتح. ما غاب عن تحليل مهدي حسن هو أن حماس كانت ذكية بما يكفي لتتجنب الدخول في صراع مباشر مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، حتى عندما تعاونت السلطة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي لضرب الحركة في غزة والضفة الغربية. ولذلك يمكن القول إن استنتاجات مهدي حسن تقع ضمن نفس الجهود المشبوهة لتقويض الحركة الوطنية الفلسطينية.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Posts