Shopping cart

Subtotal $0.00

View cartCheckout

Magazines cover a wide array subjects, including but not limited to fashion, lifestyle, health, politics, politics, business, entertainment, sports, science,

Articles
Email :29
قبل نحو شهر، سألتني زوجتي: “هل رأيت ذلك المنزل المكوّن من طابقين الذي هدموه في الضفة الغربية؟ يا للخسارة، لقد كان منزلًا جميلاً مبنيًا بالحجر الأبيض. لماذا دمّره الإسرائيليون؟ ماذا فعل أصحابه؟” سؤالها آلمني كثيرًا. عندما شاهدت الفيديو في وقت سابق من ذلك اليوم، شعرت بأن قلبي يغوص عميقًا لدرجة أنني لم أتمكن من إكماله. حاولت أن أتجاهله وكأن الأمر لم يحدث. لطالما حلمت بامتلاك منزل خاص بي، من طابقين، يتّسع لعائلتي الكبيرة، ومبني بالحجر الأبيض، تمامًا كذاك المنزل.
أجبتها: “هل تظنين أنهم بحاجة حقًا إلى سبب لهدم منزل فلسطيني؟ قد يكون أي شيء. سيستغلّون أي ذريعة لإلحاق مزيد من المعاناة بالبشر، لإجبارهم على مغادرة وطنهم.” أومأت برأسها بمرارة، وشعرت حينها أنني محظوظ لأنني لا أملك منزلًا، كي لا أختبر ألم فقدانه.
منذ أن احتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس عام 1967، وحتى عام 2015، دمّرت بحسب لجنة مناهضة هدم المنازل الإسرائيلية، ما مجموعه 48,488 منشأة فلسطينية. وخلال انتفاضة الأقصى (2000-2005)، سوّت إسرائيل نحو 3,000 منزل بالأرض. وكان الرد الإسرائيلي الرسمي: “هذا الإجراء يُستخدم كرادع فعّال ضد المنفّذين ومَن أرسلهم، وليس كإجراء عقابي.”
بعض الفلسطينيين خسروا منازلهم أكثر من مرة، بل ثلاث مرات، إلى جانب فقدان الأثاث والممتلكات. ومؤخرًا، وخصوصًا في قطاع غزة، بدأت إسرائيل بما تسميه “تحذير” أصحاب البيوت قبل قصفها، إما عن طريق الاتصال بهم أو بجيرانهم إن لم يتمكنوا من الوصول إليهم، مطالبةً بإخلاء المنزل خلال 10 دقائق. ومنذ الحرب الأولى على غزة (2008-2009)، طوّرت إسرائيل طريقة أُخرى أسمتها “قرع السطح”، حيث تُطلق قذائف غير متفجّرة أو ضعيفة المفعول على سطح المنزل المستهدف.
وإذا لم يفهم السكان الرسالة أو رفضوا مغادرة منازلهم، فعليهم تحمّل النتائج، تمامًا كما حدث مع المفكر والقيادي في حماس نزار ريان وأفراد أسرته. فقد قُتل هو وعائلته المكوّنة من 16 شخصًا على الفور، بينهم 11 طفلًا، جراء ثلاثة صواريخ أُطلقت من طائرات أمريكية من طراز F-16. وانهار المبنى المكوّن من خمسة طوابق، إلى جانب منزلين مجاورين، مما أدى إلى إصابة 46 شخصًا، بينهم 16 طفلًا أصيبوا بصدمة شديدة.
وفي حادثة مشهورة أخرى، وقعت قبل حوالي سبع سنوات من تلك الواقعة، في 23 يوليو 2003، أسقطت طائرات F-16 أمريكية الصنع قنبلة زنتها طن على مبنى من ثلاثة طوابق، مما تسبب بانهيار ثمانية مبانٍ مجاورة في واحد من أكثر أحياء غزة اكتظاظًا. وأسفر الهجوم عن مقتل القائد العسكري الأعلى لحماس صلاح شحادة، وزوجته وابنته و15 فلسطينيًا آخرين، بينهم ثمانية أطفال، أحدهم يبلغ من العمر شهرين فقط، فيما أصيب 170 شخصًا آخر بجروح.
وقد أعلن موشيه يعالون، رئيس الأركان الإسرائيلي آنذاك، أنهم اتخذوا القرار وهم على علم بوجود زوجة شحادة وأطفاله في المنزل. وكان من بين المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الحادث وزير الدفاع بنيامين بن إليعازر، ومستشاره العسكري ميخائيل هرتسوغ، ورئيس الأركان السابق موشيه يعالون، وقائد سلاح الجو دان حلوتس. وقد رفع ستة من الضحايا دعوى ضدهم أمام محكمة إسبانية مطالبين بمحاكمتهم كمجرمي حرب.
الإرهابيون ومجرمو الحرب في إسرائيل لا يُعاقبون، بل يصبحون رؤساء وزراء، مثل دافيد بن غوريون، ومناحيم بيغن، ويتسحاق شامير، وإيهود باراك، وأرييل شارون. ففي إحدى حوادث الانتقام، قاد شارون وحدة 101 الخاصة، وتسلّل ليلًا إلى قرية قبية في الضفة الغربية، وزرع ألغامًا حول المنازل وفجّرها بمن فيها وهم نائمون. دُمّرت 45 دارًا ومسجد ومدرسة، وقُتل ما لا يقل عن 69 شخصًا، نحو 70% منهم من النساء والأطفال. وأدانت دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة، هذا “الهجوم الصادم”، وعلّقت المساعدات العسكرية وطالبت بمحاكمة المسؤولين وإدانتهم.
إلا أن بن غوريون، الذي أعطى الأمر، احتفظ بمنصبه كرئيس للوزراء، واعتُبر شارون بطلًا قوميًا، وأصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء عام 2001. وخلال فترته، ارتكب عددًا لا يُحصى من المجازر، من بينها مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982، التي راح ضحيتها 3,500 مدني على يد حلفائه من الميليشيات المارونية وتحت إشرافه المباشر.
المفاجئ أن التحقيقات الإسرائيلية نفسها أثبتت أن العقاب الجماعي، وخصوصًا هدم المنازل، لا يردع المنفّذين الفلسطينيين، بل يزيد من غضبهم ويقنع مزيدًا من الشباب بالانخراط في النضال، مما يؤدي إلى المزيد من القتلى من كلا الجانبين. والسبب الوحيد المبرّر لهذه العقوبة اللاإنسانية وغير المجدية هو محاولة الساسة الإسرائيليين تقديم أنفسهم على أنهم قادرون على حماية المستوطنين غير الشرعيين في الضفة الغربية وبقية الأراضي المحتلة. وحتى يحين اليوم الذي ينجح فيه المجتمع الدولي في وقف الجرائم الإسرائيلية، سيبقى الأطفال والمدنيون الفلسطينيون يدفعون ثمن الانتصارات السياسية الإسرائيلية.
Source: Middle East Monitor

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Related Posts